الصور القديمة الصامتة

الصور القديمة الصامتة..

gibran_05

في ظلمة الغرفة، والهدوء يعم المكان عدا أصوات متقطعة لنباح كلاب الحي.. الثلج يتساقط والبرد يتخلل العظام، يجلس يوسف على سريره بعد عناء اليوم الطويل.. يقلب رواية بيده كانت ممتعة ببدايتها وصار الملل والتكرار نهجا لها ولحروفها الميتة. يطوي الصفحة التي توقف عندها بالكتاب من غير اكتراث ويلقي بها أرضًا.. يرفع غطاء السرير ويدخل تحته ويتمدد.. يمعن النظر بالسقف ويطيل الإمعان فيه حتى يرسم له السقف صورًا متحركة، لكن صامتة. نباح الكلاب عاد من جديد وكأنهم يتحدثون معبعضهم البعض من زنزاناتهم داخل البيوت، الريح تهب بقوة و يتراقص معها البيت الخشبي الهزيل. يمعن يوسف بالسقف وبالصور الصامتة. أرق. لا يستطيع النوم والبرد قارص وجهاز التدفئة لا يعمل.. حاول أن يتناسى البرد.. حاول.. ينهض من سريره ويعود مرة اخرى وهو مرتدٍ كل ما يوجد بخزانته من ملابس.. يحاول النوم لكن لايستطيع.. تلاشت الصور من السقف و عاد اللون الأصفر الكئيب وهو انعكاس للون الإضاءة.. ربما نام السقف؟! يبحث عن جواله ويطول البحث حتى يجده تحت الكتاب الذي ألقاه بلا مبالاة أرضا.. يدخل الرقم السري، وكأن أسرار العالم متواجدة بداخله.. يدخل إلى مواقع التواصل بلا اكتراث؛ اخبار طعن في فلسطين، أناس يكتبون الشعر، البعض يتذمر من البرد، كحالته، البعض يحاول تحرير البلدان ببضع تغريدات.. يخرج من هذا العالم الافتراضي ويذهب لاستديو الصور و مقاطع الفيديو.. يتخطى آخر الف صورة ويذهب للقديم.. يقف عند كل صورة ويتذكر كيف تم التقاطها. يبتسم.. يداعب النوم جفنيه.. يذهب لصورة اخرى واخرى واخرى. تنطق الصورة وتبدأ بالحركة، يبحر معها وكأنها واقع يعيشه. يسمع الأصوات ويحس بالمشاعر، ولا صوت نباح كلاب ولا صوت ريح ولا عواصف ثلجية.. تبدأ الصور بتغيير نفسها من دون أن يغيرها هو، وتنتقل من حدث لآخر، ومن مكان لآخر وهو معهم ينتقل ليعيش ما عاشه في كل صورة.. يرن الهاتف الذي سقط تحت السرير.. تعود الكلاب للنباح وصوت الريح وهو يراقص البيت الخشبي الهزيل، والبرد القارص يتخلل لكل عظمةٍ بجسد يوسف.. يجد الجوال أخيرًا، وبه تشير الساعة إلى الثامنة والنصف صباحًا..

About مقبل الصقار

تأتيني الفكرة من حيث لا أعلم فأكتبها قصةٌ تشبهني.
هذا المنشور نشر في Uncategorized. حفظ الرابط الثابت.